يُعدّ العنف ضد الطفل من أكثر الظّواهر انتشاراً، سواء أكان نفسياً أم جسدياً أم لفظياً، وقد لا يُلقي البعض أهمّية لهذا الموضوع رغم حساسيّته.
ففي دراسة أجرتها منظمة الصحة العالمية بالتعاون مع عدة جامعات ومؤسسات بحثية حول العالم، استهدفت تقييم تأثير العنف ضد الأطفال على نفسيتهم ونموهم. وإليكم التفاصيل..
نتائج دراسة تناولت العنف عن الأطفال
تمت المقارنة بين مجموعة من الأطفال الذين تعرضوا لعنف نفسي أو جسدي، ومجموعة من الأطفال الذين لم يتعرضوا لأي نوع من أنواع التعنيف.
حيث أظهرت النتائج أن الأطفال الذين تعرضوا للعنف يعانون من مشاكل نفسية أكثر من الأطفال غير المعنّفين، وتشمل هذه المشاكل:
- انعدام الثقة بالنفس: وجدت الدراسة أن الأطفال المعنّفين يعانون من انخفاض في مستويات الثقة بأنفسهم، مما يؤثر على قدرتهم على التفاعل مع الآخرين وبناء علاقات صحية.
- القلق والاكتئاب: كانت نسبة الأطفال المعنفين الذين يعانون من القلق والاكتئاب أعلى بشكل ملحوظ مقارنة بالأطفال غير المعنفين.
- سلوكيات مضطربة: وجدت الدراسة زيادة في السلوكيات المضطربة مثل العدوانية والانطواء بين الأطفال المعنفين.
- تأثير على التعلم والتطور الشخصي: تبينت الدراسة أن العنف يؤثر سلباً على تطور الأطفال الشخصي والاجتماعي، ويمكن أن يحد من إمكانياتهم في التعلم والنمو الصحيح.
فمما سبق ذكره نرى أن التعنيف يسبب العديد من المشاكل المضرة بصحة الطفل وسلامته النفسية.
حيث يتمثل تعريف التعنيف في استخدام القوة أو التهديد بها للوصول إلى أهداف معينة، سواء أكان ذلك على المستوى الجسدي، النفسي، الاجتماعي.
ما هي أنواع التعنيف؟
1- التعنيف الجسدي: يشمل العنف الجسدي الضرب وأي تصرف يؤدي إلى إلحاق أذى جسدي بالطفل.
يؤدي العنف الجسدي إلى آثار نفسية سلبية تشمل انخفاض الثقة بالنفس، وزيادة القلق والتوتر والشعور بالخوف المستمر.
كما يمكن أن يؤدي إلى ظهور مشاكل في: الغضب والتحكم بالمشاعر.
2- التعنيف النفسي: يشمل الإهانة والتهديدات وأي تصرف يؤثر على الطفل من كلا الجانبين: النفسي والعاطفي.
يتسبب التعنيف النفسي في تلف الصورة الذاتية للطفل، حيث يشعر بالقلق والاكتئاب، ويظهر انخفاض في مستوى السعادة والرضا النفسي. كما يمكن أن يؤدي إلى زيادة في مشاكل التواصل والعلاقات الاجتماعية.
3- التعنيف اللفظي: يشمل استخدام الكلمات القاسية والتحريض على العنف والكراهية والتمييز العرقي أو الديني.
يسبب التعنيف اللفظي تلف في التفكير الذاتي للطفل، ويزيد من مشاكل الغضب والاحتقان، ويؤثر على الثقة بالنفس والشعور بالقيمة الذاتية.
كيف يتحوّل العنف ضد الطفل إلى مشكلة نفسيّة؟
عندما يتعرض الطفل للتعنيف، تظهر علامات وأعراض تدل على الضغط النفسي والصدمة التي يعيشها وخاصة إذا ارتكب الآباء أخطاء شائعة في تربية أطفالهم
تعكس هذه العلامات ردود فعله النفسية والسلوكية في محاولة للتعامل مع التجارب السلبية التي يواجهها، مثل:
- الانعزال الاجتماعي وتجنب العلاقات.
- تغيرات في السلوك مثل العدوانية والانفعالات المفاجئة.
- صعوبات في النوم مثل الأرق أو الكوابيس.
- فقدان الثقة بالنفس والشعور بالقلق أو الاكتئاب.
الوقاية والتّوعية عن العنف ضد الطفل
تتم الوقاية والتوعية من خلال تعزيز الوعي وتوفير الدعم النفسي، وهذا يساهم في تقليل حدوث التعنيف وتعزيز الشفاء النفسي لدى الأطفال.
بالإضافة إلى ذلك، يلعب المجتمع والمؤسسات دوراً حيوياً في دعم الأطفال والعمل على منع تكرار التعنيف من خلال الحملات التوعوية.
الخاتمة
في ختام هذا المقال، نجدد تأكيدنا على أن العنف ضد الطفل يشكّل تهديداً جديّاً للصحة النفسية والعاطفيّة، ويترك آثاراً دائمة على نمو الشخصية والسّلوك.
لذلك، يجب علينا أن نعمل على تعزيز الوعي بأهميّة الصّحة النفسيّة والعناية بها، وضمان وجود بيئات آمنة وداعمة تساعد على نموهم السليم وتحقيق إمكاناتهم بكل كفاءة.
لنكن جميعاً جزءاً من هذا الجهد المشترك، ولنعمل معاً من أجل مجتمع أكثر تفهّماً ودعماً لصحة وسلامة شباب المستقبل.
بقلم الكاتبة: عائشة العيسى