تبدأ أعراضُ اضطراب الشراهة المفرطة تدريجيًا بالظهور والتطور خلال السنوات الأولى من حياة أحدهم ولأسباب متعددة، كما يمكن أن تلازمه من يومه الأول في المدرسة وصولًا لحفل تخرّجه من الجامعة، مرورًا بمحطات كثيرة في حياته وربّما أكثر، وذلك حسب اكتشافها، التصالح معها والتعافي منها.
وللأسف، قد لا يعلم المصاب، أن ما يمرّ به هو اضطراب يدعى “اضطراب الشراهة أو النهم المَرَضي“ ويُدرك ذلك في مراحل متأخرةٍ جداً، بعد أن عانى منه وتكبّد خسائر نفسيةً وجسديةً جسيمة.
لنتعرف سويةً على هذا الاضطراب، أعراضُه، أسبابة، طرق الوقاية منه وعلاجُه.
اضطراب الشراهة المفرطة
يتمثّل هذا الاضطراب بتناول كميات كبيرة جدًا من الأطعمة، بشكل سريع غير واعٍ، دون القدرة على التوقف مهما بلغ شعور الشبع أو الامتلاء. حتى لو وصل الأمر لمرحلة التقيؤ أو ارتجاع الطعام، بغض النظر عن الجوع أو الحاجة الحقيقة للطعام. فالمصابون بهذا الاضطراب يأكلون لأسباب عاطفية ونفسية بحتة، لعدد من المرات خلال الأسبوع أو اليوم الواحد نفسه!
نحن لا نتحدث عن حلات نادرة يتم فيها الإفراط بتناول الطعام مثل الأعياد والحفلات. الحديث هنا ينصبّ حول حالة مزمنة ترافق الأشخاص لسنوات طويلة من حياتهم.
غالبًا ما يشعر المصاب بالاضطراب بضرورة إيقاف موجات النهم هذه. لكن عبثًا لأن قدرته على مقاومة الطعام تكاد تكون منعدمة، وفي كلّ مرة يرافقه ذنب بعد الانتهاء من إحداها
ما هي أعراض اضطراب الشراهة؟
إنّ هذه الأعراض نسبية، قد تختلف في بعضها من شخص لآخر، لكنّ توافر معظمها دليلٌ لوجود اضطراب النهم المَرضي (الشراهة المفرطة).
- تناول كميات كبيرة من الأطعمة في فترة زمنية قصيرة جدًا وبشكل سريع
- عدم التمييز بين الجوع الحقيقي، والرغبة العاطفية في تناول الطعام (الجوع العاطفي)
- الاستمرار في الأكل حتى عند الشبع
- الشعور بذنب كبير مرافق لكل مرة يأكل فيها الشخص
- الخجل والاستحياء من هذا السلوك أمام الآخرين وجلد الذات
- اتباع الحميات الغذائية القاسية والمرهقة
أسباب اضطراب النهم
تتنوع أسباب هذا الاضطراب بين نفسية، وراثية،أو متعلقة بنظام حياة الشخص بالنظام الغذائي الذي يتبعه.
أولاً: الأسباب النفسية لاضطراب الشراهة
إن الضغوطات النفسية بمختلف أنواعها ومسبباتها، فإنها غالبا ما تصحب معها ارتفاعًا في مستويات هرمون “الكورتيزول”. والذي يُسهم بدوره بحثّ الشخص على تناول كميات أكبر من الطعام ويزيد الشعور بالجوع بشكل ملحوظ ومتكرر.
ثانياً: اضطرابات النوم المزمنة
مثلها مثل الاضطرابات النفسية التي تحدثنا عنها أعلاه، إن اضطرابات النوم تتسبب في خلل في الهرمونات أهمها هرمون الكورتيزول. وبالتالي شعور متكرر بالجوع العاطفي، ورغبة في تناول اطعمة محددة مثل السكريات، الوجبات السريعة وغيرها.
ثالثاً: طبيعة النظام الغذائي
إن افتقار النظام الغذائي للعناصر الغذائية الأساسية والألياف، واعتمادُه على كميات كبيرة من الدهون الضارة والمواد غير الصحية يجعل الشخص دائم الشعور بالجوع خاصة تجاه المأكولات السريعة الملغّمة بالسعرات الحرارية.
من جهة أخرى، فإن العادات أو الأنماط الغذائية الخاطئة التي يتبعها الشخص أو المحيط الذي يعيش فيه من عائلة أو أصدقاء، تعتبر عاملًا أساسيًا يجعل الأشخاص أكثر عرضةً للتعرض لنوبات النهم والشراهة.
تخيل نفسك في منزل تتوافر فيه دائمًا المأكولات السريعة، الحلويات والاطعمة المليئة بالسعرات الحرارية، هل ستقاومُ دائمًا وتتجه لتحضر طعامًا صحيًا؟ بالطبع لا، إن ليس استحالة لكنه أقرب ليكون كذلك.
إن الأطفال أو المراهقين هم الأكثر عرضة للتأثر في هذه الأنماط الغذائية الخاطئة، ويقلّ الخطر كلما تقدم المرء بالسن وزاد لديهم الوعي الغذائي وإدراكهم لهذه السلوكيات الخاطئة.
رابعاً: الأسباب الوراثية
الجينات والعوامل الوراثية أيضًا عامل أساسي في هذه الاضرابات، كأن يكون في عائلة المصاب أب أو جد أو أحد الأخوة والأعمام مصاب باضراب في الطعام او كان مصابًا به مسبقًا.
كيفية وطرق العلاج
إذا كنت أحد المصابين بهذا الاضطراب أو كان لك قريب مصاب به، اعلم أن العلاج له شقّين:
- أولهما يحتاج لطبيب نفسيّ مختص يساعدك بطرق طبية علمية على التخلص من هذه الاضطرابات بعد أن تطلعه على مخاوفك وأسبابك.
- ثانيهما يحتاج لجهد منك في تحسين نظرتك لنفسك وتحسين علاقتك مع الطعام ووعيك التام أن علاج الاضطراب سيحتاج لشهور وربما أكثر، إذ أن بناء معتقدات صحية وهدم تلك الخاطئة سيحتاج منك مجهودًا ووقتًا لترميم ما تم إفساده طيلة السنوات.
وأخيرًا سنترك لك مجموعة من النصائح، من شأنها أن تساعدك في تقليل موجات النهم والتخلص منها تدريجيًا:
- ابتعد عن الحميات القاسية التي يلازمها الجوع والإرهاق
- لا تتخطى الوجبات الرئيسية أو تقلل السعرات لأدنى مستوياتها ظنا منك أن ذلك أمر جيد للتخلص من الوزن الزائد
- الماء، الماء ثم الماء! ابق الماء صديقا لك، كأن تأخذ رشفة كل بضعة دقائق وتجنب الجفاف
- اجعل نظامك مكونا من عناصر مغذية، صحية وتشعرك بالشبع لفترات طويلة مثل البروتين والألياف
- لا تقطع أي عنصر غذائي أساسي من نظامك (بروتين، نشويات، دهون)
- امشي لمدة ساعة إلى ساعة ونصف يوميًا وحافظ على عدد خطوات ثابت بشكل يومي.
اقرأ أيضا: رياضة القفز الطولي – تعرف على 7 فوائد لهذه الرياضة الأولمبية